حملت الأم
رضيعها ، ودلفت من الباب مسرعة إلى دار والدها ، ففي مثل هذه الساعة من
يوم الأربعاء كل أسبوع يلتقي الإخوةُ هناك سويعاتٍ يُعيدون ما انقطع من
ذكرياتهم قبل أن يتزوجوا ، ويُضفون على والدَيهم السرور والسعادة حين
يجتمعون إليهما ، وهم حريصون على برّهما والإحسان إليهما .
بكى رضيعها بكاء مرّاً ، فهدهدَتـْه وهي مسرعةٌ ، فلم يتوقف عن البكاء ، ناغته ، فارتفع صوتـُه . قالت : فلعلّه جائع ...
انزوتْ ركناً من الطريق ، وجلستْ على حجر رأتْه هناك ، وألقمتْه ثديَها .
لقد كان جائعاً وطمآن حقاً ، فلقد سكت ، وانشغل بالرضاع .... نظرت إليه
نِظرة الحنان والحب . وهل هناك أشدّ رأفة من الأم على وليدها ؟.... ودعت
الله أن يجعله رجلاً صالحاً مهيباً ، يملأ العين ..
قبّلتْه ومسحت على رأسه ، ثم أقبلتْ على الطريق ترصد المارين ، وتسلي نفسها إلى أن يشبع ولدها .
وفجأة رأت فرساً فارهة ، أقبلتْ تخُبّ بصوت رتيب موسيقيّ ، جسمها متين ،
كأنه قطعة من حديد ، ضخمة كأنه جدار عال ، يمتطيها رجل بدَتْ عليه أماراتُ
الصحة والعافية ، وسيم الطلعة ، نضر الوجه ، يلبس ثياباً جديدة تزيده
بهاءً وجمالاً .
قالت وهي تنظر إليه ، وقد بهرها ما رأتْ : اللهم اجعل ابني مثل هذا .
يا للعجب ؛ لقد ترك الرضيع ثديَ أمه ، وكأنه فهم ما قالت، ونظر إلى الرجل
يتفحّصُه ، ويُدير فيه عينيه ، ثم نطق قائلاً : اللهم ، لا تجعلني مثله
... ثم أقبل على ثدي أمّه ، فجعل يرضع .
تعجّبت الأم حين سمعت ابنها يتكلم ، إنه لم ينطق بغير هذه الكلمات . ثم
داخَلها الشكُّ : أحقاً ما سمعته أم إنها حالمة ؟! وهل ينطق ابن أشهر
بكلمات الكبار ، ويفصح عمّا يريد ؟ ...إنه لأمر عجاب !.
وعادَتْ تنظر إلى الناس ، وقد نسيت أو تناست ما سمعت . فرأت رجالاً يضربون
فتاة ، ويقولون : زنَيْتِ ، سرقـْتِ . والناس مجتمعون حولها ، لا يرأفون
بها .. ومن يرأف بفتاة زانية سارقة؟... وكانت الفتاة حزينة ، باكية ،
كاسفة البال ، تشكو إلى الله ظلم العباد ، وتقول : حسبي الله ، ونعم
الوكيل .
قالت الأم وهي تنظر متقزّزة ؛ تستنكر أن تزني المرأة الحرّة وتسرق : اللهم
لا تجعل ابني مثلها .- وهذا الدعاء من أم تود الخير لولدها فطْريٌ في كل
امرأة ... يا سبحان الله ؛ إن الطفل يترك الرضاع ، وينظر إلى الفتاة
يتفحّصها ... ثم يقول : اللهم اجعلني مثلها .... ثم يعود إلى التقام ثدي
أمه .
أما الأم الآن فقد تيقـّنَتْ أن ابنها الصغير يتكلم ، وأنه هو الذي دعا
الله أن لا يكون مثل ذلك الرجل صاحب الفرس . فسألتْه : يا بنيّ لِمَ
رفضْتـَه ، ورضيت أن تكون كهذه الفتاة ؟ !.
وهنا علّل الرضيع بأوضح كلام ، وأفصح بيان :
يا أماه ؛ أما الرجل فهو جبّار متكبر ، يرى الناس دونه ، ومن كان هكذا
فالنار مأواه . فهل تريدين أن أكون مثله ، وانتهي إلى ما سينتهي إليه ؟!!
وأما الفتاة فطاهرة اليد عفـّة النفس ، ليست بزانية ولا سارقة ، اتهمها
الناس بذاك زوراً وبهتاناً ، فهي تنفي عن نفسها ما يَشينُها ، وهل تفعل
الحرّة المؤمنة ما يُسيء إليها ؟!!
لا ينبغي – يا أماه – لذي العين البصيرة والعقل الواعي أن يُؤخذ بالمظاهر
الكاذبة ، وأن يخضع للادّعاءات الضالّة ، إنما عليه أن يتحرّى الصدق كي
يكون على هدىً مستقيم .
متفق عليه
رياض الصالحين
» دخلت النت داعيه وخرجت عاشقه ....
» هاذا الى تبيه انى ارحل من حياتك
» مهــــــــــــــــم جدااااا الكل يدخل
» مشتاق لك حياتى
» موضوع عاجل وخطير عن الفيمتو
» موقع يغنيك عن محلات صيانة الكمبيوتر
» الازياء
» قصه قصيره